برنامج اصلاح الاقتصاد الليبي (1)
.
تواصل معي أحد المسؤولين والقريب من صناعة القرار الاقتصادي، مستفسراُ عن الحل للازمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها الاقتصاد الليبي، #مقر بالفساد #والاهدار للمال العام، #والقرارات الخاطئة التي أتخذها صانع القرار الاقتصادي بليبيا. فأجبته باقتضاب لعدم سماح الوقت آن ذاك بتفصيل الإجابة، والأن أجيبه بإيجاز دون أعجاز عن تصور عام لخارطة برنامج اصلاحي للاقتصاد الليبي، وذلك كما يلي:
لا يمكن لأي اقتصاد تبني ذات الوصفة وبذات التفاصيل المقدمة من قبل IMF لعلاج اقتصادها ويتوقع النجاح، وخاصة أن كانت تلك الوصفة تهدف لضمان سداد الدين أكثر من مساعدة اقتصاد ذاك البلد، ولو كان ذلك عبر تحميل كامل فاتورة نهب ثروات البلد على الطبقة الفقيرة (التي تشكل في ليبيا نحو 90% من سكان البلد) لتدفعها من جيبها وجهدها وعمرها، وكذلك تهميش دور الدولة وتسليط ضباع محليين وأجانب لنهب ثروة وأرض البلد عبر شرك #الخصخصة بحجة الاصلاح وعلاج الأزمات الاقتصادية المفتعلة عبر عملائهم.
.
كما أن برنامح الاصلاح يختلف من بيئة دولة وظروفها إلى أخرى، ولكن المنطلقات الرئيسية ستكون واحدة لهذا الاصلاح، وقبل عرض الأركان الرئيسة لبرنامج الاصلاح، هناك عدد من الشروط يجب البدء فيها أولاً، وأبرزها ما يلي:
.
– إدارة البلد بأدوات اقتصاد الأزمة، وأقصاء كل ما يعرف برجال الأعمال وعدم السماح لهم بالتدخل قي شؤون تسيير البلد سواء بصفة مستشارين أو بصفة رجال أعمال، وتجميد جميع القوانين التي تستثنيهم أو تعفيهم أو تمنحهم أي مزايا خلال فترة عدم الاستقرار.
.
– لا اقتصاد بدون استقرار، ولا استقرار في ظل تدخلات أجنبية بحجة دعم ليبيا أو الدفاع عن الشرعية أو عمق استرتيجي لأمنها القومي، أو أن ليبيا دولة شقيقة أو أنها عضو في الأمم المتحدة ويجب دعم الحوار فيها، وتجميد جميع الاتفاقيات التي ابرمت في ظل عقود الاذعان ومن قبل أشخاص لم ينتخبوا من الشعب الليبي (مباشرة أو غير مباشرة) وذلك منذ 1969 وحتى استقرار البلد وعند أنتخاب رئيس من الشعب مباشرة يؤول الأمر له ليعرضها للتصويت من قبل الشعب مباشرة وليقبلها أو يرفضها، #ولكم في نجاح التجربة الراوندية خير مثال يحتدى به (فضربوا بأتفاقية “أوشا” عرض الحائط ومنعوا التدخلات الخارجية وعلى رأسها الأمم المتحدة ومبعوثيها، وكان الحل من أبناء البلد الراونديين، والأن في طريقها للخروج من سجن الدول المتخلفة).
.
– الفساد، يجب حل كل المؤسسات الرقابية المحلية التي تعد بالوعة لهدر المال العام وأحد مصادر الابتزاز والفساد بالدولة الليبية، والعمل على تكليف شركة مراجعة دولية لمراجعة جميع حسابات الدولة الليبية الداخلية والخارجية منذ 2011 وحتى الأن، لمعرفة مئات المليارات المهدورة أين ذهبت؟ وكيف أنفقت؟ والتحويلات التي تتم عبر الجهاز المصرفي الليبي لدول بشكل مخالف للقانون حجمها وكيف تمت، وتحديد الاشخاص المسؤولين عليها وجلبهم للمثول أمام القضاء، (وأكبر مؤشرات النهب سرقت دول للاصول الليبية المجمدة بها، ونهب مئات الملايين من العملات الأجنبية والمحلية وسبائك الذهب الليبية التي صادراتها دول الجوار من اللصوص المتنفذين عبر الحدود وعليها شعار البنك المركزي- للمزيد راجعوا الفيديوات على “You tube”).
.
– أن الاختلال الهيكلي للاقتصاد الليبي مرتبط بعدد من الاختلات الهيكلية الأخرى، وبالتالي أصبح هذا الاختلال سمة من سمات الاقتصاد الليبي، وبالتالي علاج هذا الاختلال لا يتأتي إلا عبر رؤية متكاملة، فلا يوجد أي حل جذرى للعلاج في ظل وجود الاختلالات الأخرى بالاقتصاد الليبي.
.
– أن علاج العجز الداخلي للموازنة العامة الليبية أمر لا مناص منه، لأنه باستمرار وجود هذه العجوزات وما يترتب من دحرجتها مع الديون الداخلية سيجعل من جهود أي اصلاح أو تنمية ضرب من الخيال ومصيرها الفشل لا محالة، مثل ما حدث ببرنامج التثبت الهيكلي للاقتصاد المنتهج من IMF إزاء الدول المستدينه منه، والذي فرض على الاقتصاد الليبي عنوة عبر إستيفاني ويليمز وأذعن له ما يعرف مجازاً بصانع القرار الاقتصاد الليبي، وحال استمر هذا العجز والفشل في اصلاح الاقتصاد المحلي سيترتب عليه المزيد من الاضطربات السياسية والامنية والعسكرية والاجتماعية، وبالتالي إعادة ترسيخ الحروب (لا قدر الله) وعدم الاستقرار.
.
– من أكبر المخاطر التي يتعرض لها أي أقتصاد يعاني من عجز وتدهور سواء داخلي أو خارجي أو توأم، هو علاج عجزه بمزيد من الاخفقات التنموية عبر البرنامج الانكماشي المتبع جهلا من صانع القرار الاقتصاد الليبي والمفروض عبر المؤسسات الماسونية الدولية، وهو بمثابة #اطفاء_النار_بالبنزين. وهذا يعد تعطيل للتنمية وزيادة البطالة وتردي مستوى المعيشة للمواطن الكادح. فقد يقود هذا البرنامج لتوفير العملة النقدية واحداث توازن حسابي للميزانية العامة (محتمل بالمدى القصير)، إلا أنه يعد طريق مدمر على جميع الاصعدة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية، وسيعيد دورة الفساد وهدر المال العام للمربع الصفري وينطلق منه بقوة وبسرعة ليحدث مزيد من تهاوي الاقتصاد المحلي، وذلك لان صانع القرار الاقتصادي اصبح خبير في الفساد ومؤهل لنهب المال العام، ولن يقف عن غيه حتى انهيار الاقتصاد الليبي بشكل تام، ولكم في لبنان والسودان والعراق اليوم خير عظة.
.
– إذا كان المنهج الانكماشي المتبع حاليا يضرب بالتنمية عرض الحائط ويوفر أدخار عام للدولة بغرض سد العجز وسداد الديون الداخلية المحدثه عبر الفساد وهدر المال العام، فإن برنامج الاصلاح الذي سنعرضه لاحقا يسعى بشكل رئيس #بدفع عجلة التنمية للأمام، مما يوفر هذا النهج من فرص لزيادة التوظيف وتحسن مستوى المعيشة للمواطن هذا فضلا عن تنويع مصادر الدخل ونموه، مما يحد وبشكل لا ريب فيه من العجز والدين المحلي أو الخارجي أن وجد ويدعم الاحتياطيات العامة للبلد.
.
– أن أي برنامج اصلاحي له تكلفة، وبالتالي بجب أن #ينهى تفاوت الدخول لدى موظفي القطاع العام من الفئات الحاكمة بالدولة الليبية (التشريعية والتنفذية والقضائية والمصرفية وغيرهم)، هذا فضلا عن وجوب #تحميل الأغنياء العبء الأكبر لتكلفة الاصلاح، #وتحميل الطبقة الوسطى والدنيا العبء الأدنى من هذه التكلفة، #كما يجب إلغاء الانفاق العام الخاص ببند البالب الاول (اعاشة وقيافة ومزايا المسؤولين الأخرى مثل الهواتف وارصدتها وكوبون الوقود وغيرها)، #كما يجب تقليص المصاريف التشغلية لأدنى حد، #ومنع شراء السيارات وبدل السكن وغيرها من المصروفات الباهضة للمسؤولين، والتي لا طائل منها إلا هدر المال العام، #مع تقليص حجم الحكومة لحكومة أزمة، والتي بلغت مؤخراُ نحو 35 وزير ويتوقع ما يزيد عن 70 وكيل وزارة.
.
– إن التمسك بالتوازن الحسابي السنوى للميزانية العامة ليس له أي معنى، لانه بالتمسك به سوف يعزز من معانات المواطن الكادح وتعميق الركود والبطالة ويحد من التنمية الاقتصادية بالبلد، فالهدف الرئيس من برنامج الاصلاح أو علاج العجز هو تحقيق الاستقرار الاقتصادي التي يدعم وبشجع على النمو، أي للسعي لعلاج التضخم الركودي الذي تعاني منه البلد، وبالتالي تخفيض العجز إلى تلك المستويات المتعارف عليها دوليا (Ideal Country) ومثولية (Calder Magic square) وذلك وفق معايير الدول المتقدمة والنامية، وبالأمكان أيضاً تحديد مستوى الاستقرار السعري والنقدي عبر خبراء أكاديميين محليين ذوي كفاءة يدرسون تاريخ وواقع الاقتصاد الليبي بدقة، للعمل على الحد من مصادر التضخم والبطالة والوصول بالعجز للحد الذي لا يؤثر على مسار التنمية الاقتصادية.
.
– أن سرعة الحد من العجز وتداعياته لا يمكن أن يتم بالاجل القصير، وأنما يعتمد على نسبة العجز للناتج المحلي الاجمالي، فأن كانت مرتفعة فإنه سيتطلب أجل طويل، وكذلك عامل الزمن الخاص بمدة هذه العجوزات والاختلالات التي يعاني منها الاقتصاد الوطني، فإن الاستعجال في نتائج الاصلاح يسبب في انتهاج سياسات اقتصادية وأجراءات مرهقة، سيدفع ثمنها المواطن الكادح، وبالتالي سيكون له تداعيات اجتماعية وسياسية لا يحمد عقباها. #عليه يجب أن يحدد اطار زمني معلن ومبرمج سلفا للعلاج، مراعيا الظروف والبيئة الاقتصادية قيد العمل، لا أن يفعل مثل ما يفعل الان ببرنامج استيفاني العشوائي والمبهم غير معلوم الاطار الزمني له ولا تقييم لتداعياته او مؤشرات أداءه.
.
– على الرغم من أن برنامج علاج العجز أو الاصلاح لا يفهمه إلا الاكاديميين والخبراء من ذات الوسط، إلا أنه يستوجب عند تبني أو وضع أي برنامج اصلاحي مناقشته مع النقابات ومؤسسات المجتمع المدني والمراكز الوحدات القيادية الكبرى والصغرى المكونة للمجتمع، وذلك تمهيدا لحشد القبول الشعبي له وتحمل مراحل الاصلاح الأولى وما تحمله من تداعيات.
.
#يتبع الجزء الثالث …
بقلم/ يوسف يخلف مسعود.
.